27 مارس 2009

موعد مع الحياة

في كل صباح لي موعد متجدد مع الحياة .. موعد مع الأمل والتفاؤل .. مهما يكن فيها من هم فهي جميلة لأن خالقها جميل يحب الجمال وأمرنا أن نسعى دائماً إلى الجمال .. وليس الجمال هنا إلا الإيجابية التي تتدفق في عروق الحياة ولكن لا يراها إلا القليل ممن لديهم البصر والبصيرة .. أذكر أحد العمال الفقراء .. كان لا يغطي راتبه كل تفاصيل حياته البسيطة مع أبنائه التسعة .. ولكنه كان دائم التفاؤل ينثر البهجة أينما حل وارتحل .. ويحمدلله وكأن جيوبه تفيض بالملايين ..
الحمدلله .. الحمدلله .. الحمدلله … يالله على بابك .. بهذه الكلمات البسيطة يبدأ ذلك العامل الأمي الفقير يومه .. عاش عليها ومات عليها .. مضى إلى ربه راضياً مرضياً وهو يطرق أبواب الثمانين من العمر .. ثمانين سنة من جمال الحياة ممزوجاً بشيء من مرارة القهر وقلة ذات اليد .. ثمانون عاماً يتقلب بين الحمد والشكر في حياة محفوفة بالشقاء والتعب .. ولكنه عاشها على كل حال غلب خوفه رجاءه أحياناً .. وغلب الرجاء أحياناً أخرى … ورمى كل ما لديه على من هو أهل للأمانه .. الله الواحد القهار. كلما أستيقظت صباحاً عرفت أني لست ذلك الرجل الثمانيني، ولست كتلك العجوز البائسة التي بالكاد تفي حوائج حياتها البالية، ولست ذلك الطفل اليتيم الذي يبيت مبارزاً للخوف والجوع وضياع المستقبل .. لست هؤلاء ولكن من هؤلاء يجب أن نتعلم فن الحياة .. حتى نجعل الصعب سهلاً والمستحيل ممكناً مهما كانت الظروف. عرفت أنه مهما استدارت الدنيا بليلها ونهارها وجمالها وقبحها تبقى قاعة كبيرة لامتحان طويل قصير يجب أن نتجاوزه بالجهد والتفاؤل والتوكل على الله. في كل صباح أعرف أنني أدرج مدرجاً غير مدرج الأمس، فأنا إما إلى الوراء أو إلى الأمام ولكن لا أقف مكاني وإن وقفت فإن ركب الحياة يمضي لا ينتظر أحداً .. وفي كل صباح آخذ من ضياء الشمس قبساً لظلام الليل، ومن ظلام الليل وقوداً لمتابعة السير في النهار .. وآخذ من الفرح بسمة تخفف عني أعباء الحياة وهكذا هي الحياة مسيرة لا تنتهي إلا عندما يأذن خالق الروح بنهاية الرحلة… لذلك فرحلة الحياة جميلة لمن يفهمها وأكثر من يفهمها هو من يحب نفسه كما هي ويحب وكل شيء حوله كما هو .. ويجعل الكره مجرد سراب لا وجود له. الحمدلله . الحمدلله .. الحمدلله … يالله على بابك

0 التعليقات:

إرسال تعليق

ومامن كاتب إلّا سيفنى ** ويبقي الدهر ما كتبت يداهُ
فلاتكتب بكفك غير شيء ** يسرّك في القيامة أن تراه.

تذكّر قول الله عز وجل {مَــا يَلْفِـظُ مِـن قَـوْلٍ إِلاّ لَدَيْــهِ رَقِيـبٌ عَتِيــدٌ }ق18

مدونة حازم | Hazem Blog © 2008-2011 | ا جميع الحقوق محفوظة | تصميم وتطوير : Mr.Hazem