الآن تخيّل العالم كيف سيكون ! ستجد كل الناس من السباقين الى عمل الخير. ستخرج من البيت وكلما لاقيت أحداً سيتبسّم بوجهك ويسألك كيف حالك وكيف حال أهلك ويقترح عليك مساعدته بل يريد أن يخدمك, كل هذا حتى يحصل على المزيد من الحسنات. ستجد ان الخير انتشر في العالم وأصبح الناس يعيشون في ظل مشاعر الأخوة والمحبة والتسامح.
الان تخيّل حالة أخرى نستبدل بها النقود بالسيئات ! علبة كوكا كولا 3 سيئات, اتصال انترنت شهري 50 سيئة, ترخيص منتدى 150 سيئة, دواء للصداع 20 سيئة, خروف للعيد 500 سيئة. اقتل 50 رجل ستصبح مليونير ! خلال سنوات قليلة ستجد ان الجنس البشري في خطر الانقراض.
ماذا تغير اذاً ؟ في جميع الحالات توجد عندنا وسيلة وهي النقود أو الحسنات أو السيئات. نستنتج من هذا الشيئ أن الانسان لا يهمه ما هي الوسيلة, لا يهمه هل يدفع مقابل سلعة معينّة بالنقود أو بالحسنات أو بالسيئات ولكن ما يهمه هو الحصول على السلعة ! المشكلة هي في مصطلح (الحصول) وليس في مصطلح (الوسيلة).
لو قمنا الان بتحليل مصطلح (الحصول) سنصل الى مصطلح اخر وهو (القناعة) - هل يرضى الانسان بما قسمه الله عز وجل له ؟ هذا السؤال هو لبّ القضية. الانسان لا يقتنع ولا يرضى بما عنده ودائما يريد أكثر وأكثر:
أحمد مثلاً عنده كرت شاشة GeForce 8600 GTS لكنه يريد الان GeForce 8800 Ultra ليس لأن كرت الشاشة الذي عنده غير جيّد بل لأنه يوجد أفضل منه. عبد الله مثلاً يريد سيارة أفخم من سيارته الحالية لأن جاره حسن اشترى سيارة جديدة فخمة جدا. علي يرد أن يشتري جوال جديد لانه جواله الحالي لا يوجد به كاميرا رغم عدم احتياجه للكاميرا.
هنا تكمن المشكلة, الأغلب لا يكتفون بما عندهم ويريدون المزيد وهم على استعداد ليدفعون مقابل هذا الشيئ الجديد بالنقود أو بالحسنات أو بالسيئات - المهم هو الحصول على هذا الشيئ الجديد ! نلاحظ اذاً أنّ المشكلة ليست النقود بل المشكلة هي في الانسان, في نفسه, في عقله, في تفكيره, في قلبه !
هذه المشكلة تتفاقم عندما تصبح حياة الانسان قائمة على مصطلح (الحصول) فقط. في هذه الحالة سنصل الى مصطلح جديد وهو (الطمع) وهنالك رواية عن الطمع حيث يحكى أنّ ثلاثة رجال وجدوا كنزاً واتفقوا على تقسيمه بينهم بالتساوي وقبل تقسيمه شعروا بالجوع فأرسلوا رجلاً منهم ليشتري لهم طعاماً. أثناء عودته وضع لهم سما في الطعام حتى يكون الكنز من نصيبه فقط وفي نفس الوقت اتفق صاحبيه على قتله عند عودته حتى يكون الكنز من نصيبهم فقط. عندما عاد الرجل مع الطعام المسموم قام صاحبيه بقتله وبعدها جلسوا لتناول الطعام فماتوا من السم. هذا ما يحصل اليوم في العالم - زوبعة داخل فنجان, قتل, نهب, غش, ظلم …. كل هذا بسبب الطمع والرغبة في الحصول على المزيد.
خلاصة القول: استعمل النقود حتى تحصل على ما تحتاجه لتعيش بكرامة واذا تبقى معك فائض من النقود قم بالتصّدق أو اصرفها على مشاريع خيرية تكسب من خلالها الحسنات حتى بعد موتك. لا تحلم في الدنيا, احلم في الآخرة. النقود هي مجرّد قطع ورقية لن تستغني من ورائها. الغنى الحقيقي هو في راحة النفس وسلامة العقل و اطمئنان القلب.
اذا قال لك أحد أنّ مشاكل العالم هي بسبب النقود فقل له (لا) وضع يدك اليسرى على قلبك ويدك اليمنى على رأسك فاذا لم يفهمك أعطه رابط هذا الموضوع فاذا قال لك أنه لا يستعمل النت فهو في ورطة !